خرجت للتنزه زوالا جلست كعادتي منعزلة في زاوية من أرجاء الحديقة أتصفح صفحات كتابي مستأنسة بالقليل من المكسرات الملفوفة داخل علبة الورق التي تأخذ شكل الهرم.
فإذا بناظري يقع على حافة الطريق ،فتاة في مقتبل العمر جالسة والدموع تنهال على وجنتيها الناعمتين، أحزنني وضعها أحسست أنها بحاجة لمن يساعدها ويمد لها يد العون، قمت من مكاني متجهة نحوها وعينايا تملأهما الفزعة والحيرة معا.
فإذا بي ألمح شخصا يتجه نحوها يا ترى من يكون؟ هل صديقها؟ هل أخوها؟من هذا يا ترى؟
توقفت جامدة في مكاني أنتظر ماذا سيحصل، بدأ يقترب وملامحه تتضح لي شاب في يانع شبابه هيأته التي لم تسلم من موجة الموضة اللعينة زادتني توترا وحيرة، يلبس سروالا كله ثقب وخدشات كأن الكلاب نهشته وهو يحاول التلصص على أحد المنازل، أما رأسه الذي لم يسلم من خربشات ورموز قزعية مقرفة لم يزد حالي إلا سوءا، الغضب يستحوذ ملامحه وقد بان العنف في عينيه القاتمتين.
اقترب منها وصفعها صفعة كادت تصيبها بالإغماء وصوته الخشن يملأ مسامع الحاضرين للواقعة، أخذ يسب ويشتم وهي مستلقية كالرابض أرضا ، لم أستطع التحكم بنفسي فقد أثار غضبي بهذا التصرف العنفي الوحشي، ما هو الذنب الشنيع الذي اقترفته هذه الفتاة حتى تستحق هذه العقوبة العبرية أمام الملأ، اقتربت منه وخاطبته بصوت يملأه الغضب: ما بك يا هذا كيف تطبق العقوبات حسب قانونك الوحشي الدنيء، وما هو الجرم الذي ارتكبته في حقك؟
أجاب والدهشة في عينيه: ومن تكونين أنت لتسأليني بكل جرأة ومن أعطاك حق التدخل في شؤوننا ؟
أنا: ومن أعطاك الحق أنت الآخر لتقلق راحتي في مكان عمومي محترم؟ وتجعل نفسيتي متوترة ومتعبة هكذا من أعطاك الحق أخبرني؟
فإذا بمسامعي تلتقط صوت رقيق يرافقه الأنين: هذا حبيبي ومن تكونين أنت لتتدخلين؟
انهدت الدنيا فوق رأسي هذا صوت الفتاة عينها يا رباه كيف يمكن لهذه المخلوقات أن تعيش معنا وتشاركنا هذه الحياة الغريبة.
أجبتها بغرابة : والله أنا من أستحق تلك الصفعة وليس أنت حتى أتعلم ألا أحشر أنفي مرة أخرى في تفاهات شأنك .
لممت ملامحي المسكينة وعدت إلى ركني المنعزل ومنذ ذلك الحين قررت عدم التدخل في شؤون الغير حتى لو كان الأمر يستدعي ذلك، لكن لن أعدكم لأنني لا أتمالك أعصابي ههه
دمتم بخير وفي طيب الأحوال.
بقلم إحسان
0 تعليقات