لن أبقى شاهدا على دمار أسرتي

كان قراره نهائيا ، حاسما ولا رجعة فيه، إلغاء الإشتراك من كل شبكات الأنترنت وسحب الهواتف النقالة لأجل غير مسمى من يد أبنائه، فلن يشهد دمار أسرته وتفككها ويقف مشاهدا و الأدهى مشاركا في ذلك. حاولت زوجته ليلى ثنيه عن قراره ولكن لن تفلح في ذلك أبدا.

وقف عمر وسط الغرفة ، بعد أن أعلن اجتماعا أسريا طارئا و صرح: 

- لا أنترنت... ولا هواتف... و لوّح بيده كإشارة على إقفال الموضوع.

قفز ابنه صفوان من مكانه مصدوما:

 - كيف؟... ماذا تقول يا أبي؟ لا يحقّ لك أخذ هذا القرار...

أما ابنته صفية فأخذت ترتجف من البكاء محاولة إقناعه بالتراجع ..

أجابهما : يحق لي ما دمت أنا رب هذه الأسرة، و سأُفعِّل قراراتي بكل ديكتاتورية... جربت الحسنى والحوار معكم ولكن بدون جدوى.

قام صفوان من مكانه غاضبا يريد مغادرة الغرفة، لكن والده أوقفه قائلا: لم أنته بعد من كلامي، فلزم مكانه مغمغما غير راض.

وأكمل كلامه بنبرة قاطعة: 

- لا هواتف، لا سهر، وسيعود كل شيء لطبيعته الأولى.

وقراراتي كالتالي: 

- الاجتماع على طاولة الأكل ضروري وإجباري في كل أوقات الوجبات...ولا حجّة للغائبين.

- مصروف أسبوعي يساوي قراءة قصة أو رواية.

- الجلوس مع الأقارب عند حضورهم لزيارتنا.

- اجتماع عائلي يومي لمناقشة أحداث اليوم.

والأهم وقبل كل هذا وتلك المواظبة على الصلاة في أوقاتها، والعقوبة لكل من تهاون.

ستُنفذ قراراتي يا أولاد، و أدار وجهه لزوجته، والكلام موجه لك كذلك يا زوجتي العزيزة... دعوني أرى وجوهكم قليلا.. فقد نسيت ملامحها فهي طوال اليوم خلف شاشة الهاتف... وما لا يأتي بالقوة... يأتي بمزيد من القوة.


دمدمت ليلى غاضبة ، ولكنها لم تستطع الرد، فعمر في حالة شديدة من الغضب، ويحق له ذلك.. فقد أصبحت أسرتهم شبه مفككة بسبب لعنة هذه الهواتف...

هي اليوم بطوله مع صديقاتها في مجموعات الطبخ والجمال، مهملة بيتها...أما الأولاد فحدّث ولا حرج... إدمان على الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواعها.

أخرجها من دوامة تفكيرها صراخ ابنها ساخرا  :

 -هل انتهيت يا سيد أبي؟ ....لاحظت نبرته ولامت نفسها على ما وصل إليه الأمر من قلة احترام لأبيه.

فتدخلت : صفوان! اخفض صوتك واعتذر لوالدك الآن.

نظر إليها غاضبا ولكنها لم تتراجع، فغمغم قائلا : آسف أبي، وغادر مسرعا ضاربا الباب عرض الحائط، تتبعه أخته تذرف دموع حزن على هاتفها ...ربما لم تكن لتذرفها على فقد قريب.

جلست ليلى وهي تشهق : آسفة يا عمر، لم ننتبه للأمر، أخذ يدها مهدئا: لا بأس ليلاي، سنعود.. إنجرفنا وراء التكنولوجيا وأهملنا أولادنا ولكن مازال هناك وقت...وسنعود بإذن الله.


بقلم : سناء لوغ 

إرسال تعليق

0 تعليقات