محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري وعرف باسم جَلَال الدِّين الرُّومي وهو عالم صوفي فارسي الأصل تركي الموطن ولد في بلخ في أفغانستان لأسرة علمية تربطها مصاهرة بالأسرة الحاكمة في الدولة الخوارزمية؛ فقد كان والده أحد علماء المذهب الفقهي الحنفي، وقد لُقب لمكانته العلمية وجراءته في قول الحق والإنكار على الأمراء الظلمة بـ"سلطان العلماء".
انتقل مع أبيه إلى بغداد، في الرابعة من عمره، وطبقا لإحدى الروايات التاريخية؛ فقد كان والد الرومي شديد الإنكار على سلطان بلخ فأجبره على مغادرتها، بينما تفيد رواية أخرى بأن استيلاء المغول على بلخ هو سبب خروجه منها. وعلى كل فقد تركها هو وأسرته سنة 609هـ وتنقلوا من مدينة إلى أخرى حتى وصلوا عاصمة الخلافة بغداد، فترعرع بها في المدرسة المستنصرية حيث نزل أبوه، ومنها واصلوا السير إلى مكة المكرمة. غادرت أسرة الرومي مكة إلى ملطية في آسيا الصغرى التي كانت تسمى آنذاك "بلاد الروم" (دولة تركيا اليوم) ثم سكنت عائلته قرمان، ثم انتقلت سنة 626هـ إلى قونية التي كانت عاصمة "سلاجقـة الروم" فاستقرت هناك وطاب لها المُقام، ومن هنا جاء تلقيب ابنها جلال الدين محمد بـ"الرومي"
توفي والد الرومي بقونية 628هـ فأخذ هو على عاتقه -رغم صغر سنه- القيام بمسؤولياته في الفتوى والوعـظ، ثم رأى أن يستزيد من العلوم فرحل 630هـ إلى الشام وقضى أعواما موزعة بين حلب ودمشق حيث تزود فيهما بحظ وافر من العلوم والمعارف. ثم عاد إلى مدينته قونية بعد أن أقر له شيوخه بالنبوغ والاطلاع الواسع بفضل ثقافته العربية والفارسية المتنوعة.
وفي عام 642هـ كانت نقطة التحول في مسار حياته ولحظة إعادة ميلاد لفكره وسلوكه،حين إلتقى شيخ فارسي يدعى شمس الدين التبريزي، إذ دخل على يديه في زمرة أرباب التصوف فبدأ نظم الشعر الصوفي، وقطع كل صلة له بتلامذته وبالناس "وقلل من مجالسته مع أهل العلوم الظاهرة واتجه إلى العلوم الباطنية"، حسب أحد كُتاب سيرته ، ومن هنا كان التبريزي هو أكثر شيوخ الرومي فضلا عليه وأقواهم تأثيرا فيه، لأنه الشخصية التي جعلته يسلك طريقه الصوفي الفلسفي ويتمثله مداسة وممارسة، بعد أن كان منقطعا إلى العلوم الشرعية والعقلية السائدة في عصره آنذاك. ويؤكد الرومي نفسه ذلك بقوله: "إن شمس الدين التبريزي هو الذي أراني طريق الحقيقة، وهو الذي أُدين له بإيماني ويقيني".وبعدها أسس الرومي "المذهب المثنوي" في الشعر الذي كان أبرز تجلياته ديوانه الشعري المعروف بـ"مثنوي معنوي" والموصوف بأنه أكبر مرجع تصوفي باللغة الفارسية، فقد كتب فيه مئات الآلاف من أبيات الشعر عن العشق الإلهي من منظور صوفي، وعن قضايا عديدة في الفلسفة التي أخذ على أصحابها "المبالغة في تقدير الحواس وتقديس العقل"، و تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية والتي كتبت أغلبها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية ، تأثيراً واسعاً في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية ، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقيت صدًى واسعاً جداً إذ وصفته البي بي سي سنة 2007 م بأكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة.
توفي جلال الدين الرومي في قونية يوم 5 جمادى الأخيرة سنة 672هـ الموافق 17 ديسمبر/كانون الأول 1273، متأثرا بحمى أصابته، ودفن في مدينة قونية وأصبح مدفنه مزاراً إلى يومنا ، وبعد مماته قام أتباعه وابنه سلطان ولد بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية والتي اشتهرت بدراويشها ورقصتهم الروحية الدائرية .
أعماله
• شعره
المثنوى: قصائد بالفارسى والذي يسميه الصوفيين بالكتاب المقدس الفارسى , ويعتبر من أهم الكتب الصوفيه الشعريه.
الديوان الكبير او ديوان شمس التبريزى والذي كتبه فى ذكرى وفاة صاحبه و ملهمه فى طريق التصوف و الشعر.
الرباعيات: 3318 بيت.
• نثره
كتاب فيه ما فيه: كتاب يحتوى على 71 محاضره للرومي.
المجالس السبعة: تجميع لمواعظ و محاضرات الرومى.
الرسائل: رسائل كتبها بالفارسى لمريديه و معارفه و رجال الدوله .
0 تعليقات