تأثير المظاهر على المشاعر والقرارات

لمحها من بعيد وهي تسير باتجاهه ، كانت ترتدي خمارا باليا، خمار يدل على الوضعية المادية الهشة لصاحبته.

كانت ترتشف من قارورة ماء بلاستيكية، محاولة بتبليل فمها ذاك، أن تهدئ من روع جسمها، فقد كان يظهر عليه من خلال ظهر كفيها، أنه كان يبكي عرقا من شدة حر الشمس

فلما مرت بمحاذاته، لمحها وهي ترمي القارورة وسط الشارع، صرخ الحارس والغضب يبدوا على محياه وقال لها :

هييه... أنت ، ألم تخجلي من نفسك ؟! أمثالك من أبقانا داخل خانة دول العالم الثالت برفقة الشعوب المتخلفة، لا يرمي القاذورات في غير مكانها إلا ذو العقل القذر.

إستدارت نحوه بحياء وقالت له : أعتذر ، كنت شاردة الذهن حينما رميت القارورة، أنا خجلة من نفسي حقا.

لم تطفئ كلمات الإعتذار تلك غضب الحارس، فٱراد مواصلة توبيخها وقال لها : كلنا نصاب بالسهو، لكن هذا لايبرر رمي القارورة في غير مكانها المناسب، فالإنسان الصالح حقا... وقبل أن يتمم كلامه الجارح، أزاحت الفتاة خمارها لِتُعَدِّلَه، وكشفت عن وجهها !! وهنا صمت الحارس منبهرا !! فقد غلب إعجابه بحسن جمال الفتاة، لآمته تلك.

قال لها وهو يتوسّل ودّها بعدما نال منه جمالها : أعذريني يا أنستي ، خمارك ذاك ، جعلني جاهلا بمن كنت أتحدث معها ، حقا لم أكن أظنك هكذا، فائقة الجمال !! أما بشأن رميك للقارورة وسط الشارع، فهو ليس خطأك من الأساس، بلدية المدينة هي الملامة، كان عليها أن تضع حاويات الأزبال في كل مكان، حقا إني أتفهم فعلتك تلك، أعلم أنه ليس من المريح حمل قارورة فارغة لمسافة طويلة، وبصراحة كنت سأفعل الشيء نفسه، أعذري لساني الوقح على حقارته تلك، سامحيني يا سيدتي


{ غالبا ، مظهر الأخر هو من يقرر نوعية المشاعر التي سنستخدمها معه وأغلب قراراتنا ، نتخدها بواسطة تلك المشاعر }


بقلم : أسامة السملالي

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. بارك الله فيك أخي الغالي على المجهود اللي درتي
    كيشرفني تحطو القصة ديالي فهاد المدونة ❤️

    ردحذف